يقول تعالى ذكره:(إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا) وهو نوح بن لمَكَ (إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) يقول: أرسلناه إليهم بأن أنذر قومك؛ فأن في موضع نصب في قول بعض أهل العربية، وفي موضع خفض في قول بعضهم.
وقد بيَّنت العلل لكلّ فريق منهم، والصواب عندنا من القول في ذلك فيما مضى من كتابنا هذا، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع، وهي في قراءة عبد الله (١) فيما ذُكر (إنَّا أرْسَلْنا نُوحًا إلى قَوْمِهِ أنْذِرْ قَوْمَكَ) بغير "أن"، وجاز ذلك لأن الإرسال بمعنى القول، فكأنه قيل: قلنا لنوح: أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم؛ وذلك العذاب الأليم هو الطوفان الذي غرّقهم الله به.
وقوله:(قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) يقول تعالى ذكره: قال نوح لقومه: يا قوم إني لكم نذير مبين، أنذركم عذاب الله فاحذروه أن ينزل بكم على كفركم به (مُبِينٌ) يقول: قد أبنت لكم إنذاري إياكم.
وقوله:(أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نوح لقومه: (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) بأن اعبدوا الله، يقول: إني لكم نذير أنذركم، وآمركم
(١) هو عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل، مقرئ القرآن، ومعلم أهل الكوفة.