للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والآخر: أن يكون في موضع رفع بمعنى الاستقبال، يراد به: إن الذين تتوفاهم الملائكة، فتكون إحدى"التاءين" من"توفاهم" محذوفةً وهي مرادة في الكلمة، لأن العرب تفعل ذلك، إذا اجتمعت تاءان في أول الكلمة، ربما حذفت إحداهما وأثبتت الأخرى، وربما أثبتتهما جميعًا. (١)

* * *

القول في تأويل قوله: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٠) }

قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ومن يهاجر في سبيل الله"، ومن يُفارق أرضَ الشرك وأهلَها هربًا بدينه منها ومنهم، إلى أرض الإسلام وأهلها المؤمنين (٢) ="في سبيل الله"، يعني: في منهاج دين الله وطريقه الذي شرعه لخلقه، وذلك الدين القَيِّم (٣) ="يجد في الأرض مراغمًا كثيرًا"، يقول: يجد هذا المهاجر في سبيل الله="مراغمًا كثيرًا"، وهو المضطرب في البلاد والمذْهب.

* * *

يقال منه:"راغم فلانٌ قومه مراغمًا ومُرَاغمة"، مصدرًا، ومنه قول نابغة بني جعدة:

كَطَوْدٍ يُلاذُ بِأَرْكَانِهِ ... عَزِيزِ المُراغَمِ وَالمَهْرَبِ (٤)


(١) انظر هذا كله في معاني القرآن للفراء ١: ٢٨٤.
(٢) انظر تفسير"الهجرة" فيما سلف ص: ١٠٠، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير"سبيل الله" في مراجع اللغة.
(٤) ديوانه ٢٢، مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٣٨، اللسان (رغم) . والبيت من قصيدته التي في الديوان، ولكنه أفرد منها فلم يعرف مكانه. و"الطود": الجبل العظيم المنيف. ولست أدري على أي شيء تقع كاف التشبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>