من ربكم، فيقولون:(رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ) قال: فيجيبهم،: (اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ) فعند ذلك ييأسُون من كلّ خير، ويأخذون في الشهيق والوَيْل والثُّبور.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ) قال: بلغني أنهم ينادُون مالكا فيقولون (: لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ) فيسكت عنهم قدر أربعين سنة، ثم يقول:(إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ) قال: ثم ينادون ربهم، فيسكت عنهم قدر الدنيا مرتين، ثم يقول:(اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ) قال: فييأس القوم فلا يتكلمون بعدها كلمة، وكان إنما هو الزفير والشهيق، قال قتادة: صوت الكافر في النار مثل صوت الحمار، أوّله زفير، وآخره شهيق.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله.
حدثنا الحسن، قال: ثنا عبد الله بن عيسى، قال: أخبرني زياد الخراسانيّ، قال: أسنده إلى بعض أهل العلم، فنسيته، في قوله:(اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ) قال: فيسكتون، قال: فلا يسمع فيها حس إلا كطنين الطَّسْت.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:(اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ) هذا قول الرحمن عزّ وجلّ، حين انقطع كلامهم منه.
يقول تعالى ذكره:(إِنَّهُ) وهذه الهاء في قوله "إنه" هي الهاء التي يسميها أهل العربية المجهولة، وقد بينت معناها فيما مضى قبلُ. ومعنى دخولها في الكلام، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع (كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي) يقول: كانت جماعة من عبادي، وهم أهل الإيمان بالله، يقولون في الدنيا:(رَبَّنَا آمَنَّا) بك وبرسلك، وما جاءوا به من عندك (فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا) وأنت خير من رحم أهل البلاء، فلا تعذبنا بعذابك.