للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السماء يستمعون عليه الوحي، فيدعون أنهم سمعوا هنالك من الله أن الذي هم عليه حقّ، فهم بذلك متمسكون بما هم عليه.

وقوله: (فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ) يقول: فإن كانوا يدّعون ذلك فليأت من يزعم أنه استمع ذلك، فسمعه بسلطان مبين، يعني بحجة تبين أنها حقّ، كما أتى محمد صلى الله عليه وسلم بها على حقيقة قوله، وصدقه فيما جاءهم به من عند الله. والسُّلَّم في كلام العرب: السبب والمرقاة; ومنه قول ابن مقبل:

لا تُحرزِ المَرْءَ أَحْجاءُ الْبِلاد وَلا ... تُبْنَى لَهُ في السَّمَاواتِ السَّلاليمُ (١)

ومنه قوله: جعلت فلانا سلما لحاجتي: إذا جعلته سببا لها.

القول في تأويل قوله تعالى: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (٣٩) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٠) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤١) }

يقول تعالى ذكره للمشركين به من قريش: ألربكم أيها القوم البنات ولكم البنون؟ ذلك إذن قسمة ضيزي، وقوله: (أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: أتسأل هؤلاء المشركين الذين أرسلناك إليهم يا محمد على ما تدعوهم إليه من توحيد الله وطاعته ثوابا وعوضا من أموالهم، فهم من ثقل ما حملتهم من الغرم لا يقدرون على إجابتك إلى ما تدعوهم إليه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.


(١) هذا البيت لتميم بن أبي مقبل، نسبه إليه أبو عبيد في مجاز القرآن (الورقة ٢٣٠ - ١) وأحجاء البلاد. نواحيها وأطرافها. قاله في (اللسان: حجا) ونسب البيت لابن مقبل وقد شرحنا البيت وبينا الشاهد فيه، عند قوله تعالى (أو سلما في السماء) في سورة الأنعام (٧: ١٨٤) من هذه الطبعة، فراجعه ثمة. وقال أبو عبيدة والسلم: السبب والمراقاة، قال ابن مقبل: " لا تحرز المرء ... البيت " قال: أنت تتخذني سلمًا لحاجتك: أي سببا.

<<  <  ج: ص:  >  >>