حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله:(وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) قال: هذا فيما يكون بين الناس من القصاص، فأما لو ظلمك رجل لم يحلّ لك أن تظلمه.
وقال آخرون: بل عُنِيَ به الانتصار من أهل الشرك، وقال: هذا منسوخ.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:(وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) قال: لمن انتصر بعد ظلمه من المؤمنين انتصر من المشركين وهذا قد نسخ، وليس هذا في أهل الإسلام، ولكن في أهل الإسلام الذي قال الله تبارك وتعالى:(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) .
والصواب من القول أن يقال: إنه معنيّ به كل منتصر من ظالمه، وأن الآية محكمة غير منسوخة للعلة التي بينت في الآية قبلها.
وقوله:(إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ) يقول تبارك وتعالى: إنما الطريق لكم أيها الناس على الذين يتعدّون على الناس ظلما وعدوانا، بأن يعاقبوهم بظلمهم لا على من انتصر ممن ظلمه، فأخذ منه حقه.
وقوله:(وَيَبْغُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) يقول: ويتجاوزون في أرض الله الحدّ الذي أباح لهم ربهم إلى ما لم يأذن لهم فيه، فيفسدون فيها بغير الحق.
يقول: فهؤلاء الذين يظلمون الناس، ويبغون في الأرض بغير الحق، لهم عذاب من الله يوم القيامة في جهنم مؤلم موجع.