للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قوله: (أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم) فإنه يقول: أتخاصمونني في أسماء سمَّيتموها أصنامًا لا تضر ولا تنفع (١) = (أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان) يقول: ما جعل الله لكم في عبادتكم إياها من حجة تحتجُّون بها، ولا معذرة تعتذرون بها، (٢) لأن العبادة إنما هي لمن ضرَّ ونفع، وأثابَ على الطاعة وعاقب على المعصية، ورزق ومنَع. فأما الجماد من الحجارة والحديد والنحاس، فإنه لا نفع فيه ولا ضرّ، إلا أن تتخذ منه آلةً، ولا حجة لعابد عبده من دون الله في عبادته إياه، لأن الله لم يأذن بذلك، فيعتذر من عبدَه بأنه يعبده اتباعًا منه أمرَ الله في عبادته إياه. (٣) ولا هو= إذ كان الله لم يأذن في عبادته= مما يرجى نفعه، أو يخاف ضرّه، في عاجل أو آجل، فيعبد رجَاء نفعه، أو دفع ضره - (فانتظروا إني معكم من المنتظرين) يقول: فانتظروا حكمَ الله فينا وفيكم= (إني معكم من المنتظرين) حكمَه وفصل قضائه فينا وفيكم.

* * *

القول في تأويل قوله: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (٧٢) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فأنجينا نوحًا والذين معه من أتباعه على الإيمان به والتصديق به وبما دعَا إليه، من توحيد الله، وهجر الآلهة والأوثان= (برحمة منّا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا) يقول: وأهلكنا الذين كذَّبوا من قوم هود بحججنا جميعًا عن آخرهم، فلم نبق منهم أحدًا، كما:-


(١) انظر تفسير"المجادلة" فيما سلف ص: ٨٦، تعليق: ٤، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"سلطان" فيما سلف ص: ٤٠٤، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "فيعذر من عبده"، والسياق يقتضي ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>