للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول تعالى ذكره: وجعلنا فرعون وقومه أئمة يأتمّ بهم أهل العتوّ على الله والكفر به، يدعون الناس إلى أعمال أهل النار (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ) يقول جلّ ثناؤه: ويوم القيامة لا ينصرهم إذا عذّبهم الله ناصر، وقد كانوا في الدنيا يتناصرون، فاضمحلت تلك النصرة يومئذ.

وقوله: (وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ) يقول تعالى ذكره: وألزمنا فرعون وقومه في هذه الدنيا خزيا وغضبا منا عليهم، فحتمنا لهم فيها بالهلاك والبوار والثناء السَّيِّئ، ونحن متبعوهم لعنة أخرى يوم القيامة، فمخزوهم بها الخزي الدائم، ومهينوهم الهوان اللازم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة: (وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ) قال: لعنوا في الدنيا والآخرة، قال: هو كقوله: (وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ) .

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قوله: (وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ) لعنة أخرى، ثم استقبل فقال: (هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ) وقوله: (هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ) يقول تعالى ذكره: هم من القوم الذين قبحهم الله، فأهلكهم بكفرهم بربهم، وتكذيبهم رسوله موسى عليه السلام، فجعلهم عبرة للمعتبرين، وعظة للمتعظين.

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٣) }

يقول تعالى ذكره: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى التَّوْرَاةَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الأمم التي كانت قبله، كقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وأصحاب مدين (بَصَائِرَ لِلنَّاسِ) يقول: ضياء لبني إسرائيل فيما بهم إليه الحاجة من أمر دينهم (وَهُدًى) يقول: وبيانا لهم ورحمة لمن عمل به منهم (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) يقول: ليتذكروا نعم الله بذلك عليهم، فيشكروه عليها ولا يكفروا.

<<  <  ج: ص:  >  >>