للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (٦٥) }

قال أبو جعفر: يعني بقوله: (فقلنا لهم) أي: فقلنا للذين اعتدوا في السبت - يعني في يوم السبت.

* * *

وأصل"السبت" الهدوّ والسكون في راحة ودعة، ولذلك قيل للنائم"مسبوت" لهدوّه وسكون جسده واستراحته، كما قال جل ثناؤه: (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا) [النبأ: ٩] أي راحة لأجسادكم. وهو مصدر من قول القائل:"سبت فلان يسبت سبتا".

وقد قيل: إنه سمي"سبتا"، لأن الله جل ثناؤه فرغ يوم الجمعة - وهو اليوم الذي قبله - من خلق جميع خلقه.

* * *

وقوله: (كونوا قردة خاسئين) ، أي: صيروا كذلك.

* * *

و"الخاسئ" المبعد المطرود، كما يخسأ الكلب يقال منه:"خسأته أخسؤه خسأ وخسوءا، وهو يخسأ خسوءا". قال: ويقال:"خسأته فخسأ وانخسأ". ومنه قول الراجز:

كالكلب إن قلت له اخسأ انخسأ (١)

يعني: إن طردته انطرد ذليلا صاغرا.

فكذلك معنى قوله: (كونوا قردة خاسئين) أي، مبعدين من الخير أذلاء صغراء، (٢) كما:-

١١٤٥ - حدثنا محمد بن بشار، (٣) قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال،


(١) لسان العرب: (خسأ) ، وروايته: "إن قيل له".
(٢) صاغر، جمعه صغرة (بفتحات) . وهذا ما نصوا عليه، ولم أجد"صغراء" على وزن جهلاء، وهو جمع في بعض الصفات التي على وزن"فاعل"، مثل شاعر وشعراء، وعالم وعلماء. فهم يشبهون"فاعلا" بـ "فعيل" نحو كريم وكرماء، فيجمعونه كجمعه.
(٣) في المطبوعة"حدثنا بشار" وهو خطأ لا شك فيه، وأقرب إسناد مثله مر بنا هو رقم: ١٠٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>