قال: ثنا سعيد بن ثوبان الكلاعي، عن أبي أيوب الأنصاريّ، قال: أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم حبرٌ من اليهود، وقال: أرأيت إذ يقول الله في كتابه (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) فأين الخلق عند ذلك؟ قال: أضْيافُ اللَّهِ فَلَنْ يُعْجِزَهُمْ ما لَدَيْهِ".
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: معناه: يوم تبدّل الأرض التي نحن عليها اليوم يوم القيامة غيرها، وكذلك السماوات اليوم تبدّل غيرها، كما قال جلّ ثناؤه، وجائز أن تكون المبدلة أرضا أخرى من فضة، وجائز أن تكون نارا وجائز أن تكون خبزا، وجائز أن تكون غير ذلك، ولا خبر في ذلك عندنا من الوجه الذي يجب التسليم له أي ذلك يكون، فلا قول في ذلك يصحّ إلا ما دلّ عليه ظاهر التنزيل.
وبنحو ما قلنا في معنى قوله (وَالسَّمَاوَاتُ) قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: أرضا كأنها الفضة (وَالسَّمَاوَاتُ) كذلك أيضا.
وقوله (وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) يقول: وظهروا لله المنفرد بالربوبية، الذي يقهر كلّ شيء فيغلبه ويصرفه لما يشاء كيف يشاء، فيحيي خلقه إذا شاء، ويميتهم إذا شاء، لا يغلبه شيء، ولا يقهره من قبورهم أحياء لموقف القيامة.
يقول تعالى ذكره: وتعاين الذين كفروا بالله، فاجترموا في الدنيا الشرك يومئذ، يعني: يوم تُبدّل الأرض غير الأرض والسماوات. (مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ) يقول: مقرنة أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم بالأصفاد، وهي الوثاق من غلّ وسلسلة، واحدها: صَفَد، يقال منه: صفدته في الصَّفَد صَفْدا وصِفادا،