وقال آخر منهم: بل معنى ذلك: ويجيب الذين آمنوا. وهذا القول يحتمل وجهين: أحدهما الرفع، بمعنى ويجيب الله الذين آمنوا. والآخر ما قاله صاحب القول الذي ذكرنا.
وقال بعض نحوي الكوفة (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا) يكون"الَّذِينَ" في موضع نصب بمعنى: ويجيب الله الذين آمنوا. وقد جاء في التنزيل (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ) والمعنى: فأجاب لهم ربهم، إلا أنك إذا قلت استجاب، أدخلت اللام في المفعول؛ وإذا قلت أجاب حذفت اللام، ويكون استجابهم بمعنى: استجاب لهم، كما قال جلّ ثناؤه:(وإذا كالوهم أو وزنوهم) والمعنى والله أعلم: وإذا كالوا لهم، أو وزنوا لهم (يُخْسِرُونَ) . قال: ويكون"الَّذِينَ" في موضع رفع إن يجعل الفعل لهم، أي الذين آمنوا يستجيبون لله، ويزيدهم على إجابتهم، والتصديق به من فضله. وقد بيَّنا الصواب في ذلك من القول على ما تأوّله معاذ ومن ذكرنا قوله فيه.
ذكر أن هذه الآية نزلت من أجل قوم من أهل الفاقة من المسلمين تمنوا سعة الدنيا والغنى، فمال جلّ ثناؤه: ولو بسط الله الرزق لعباده، فوسعه وكثره عندهم لبغوا، فتجاوزوا الحدّ الذي حدّه الله لهم إلى غير الذي حدّه لهم في بلاده بركوبهم في الأرض ما حظره عليهم، ولكنه ينزل رزقهم بقدر لكفايتهم الذي يشاء منه.
* ذكر من قال ذلك:
يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال أبو هانئ: سمعت عمرو بن حريث وغيره يقولون: إنما أزلت هذه الآية في أصحاب الصُّفَّة (وَلَوْ