يقول تعالى ذكره: فانطلق موسى والعالم يسيران يطلبان سفينة يركبانها، حتى إذا أصاباها ركبا في السفينة، فلما ركباها، خرق العالم السفينة، قال له موسى: أخرقتها بعد ما لَجَجنا في البحر (لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا) يقول: لقد جئت شيئا عظيما، وفعلت فعلا مُنكرا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:(لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا) : أي عجبا، إن قوما لججوا سفينتهم فخرقتها، كأحوج ما نكون إليها، ولكن علم من ذلك ما لم يعلم نبيّ الله موسى ذلك من علم الله الذي آتاه، وقد قال لنبيّ الله موسى عليه السلام:(فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا) .
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا) يقول: نُكرا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:(لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا) قال: منكرا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله، والإمر: في كلام العرب: الداهية، ومنه قول الراجز:
(١) البيت: من شواهد أبي عبيدة في (مجاز القرآن) ١: ٤٠٩ قال في تفسير قوله تعالى: " جئت شيئا إمرا " أي داهية نكرا عظيمة. وفي آية أخرى شيئا إدا. قال: " قد بقى الأقران. . . البيت ". وفي (اللسان: إمرا) : الأخفش: يقال: أمر أمره يأمر أمرا (الفعل كفرح يفرح) أي اشتد. والاسم: الإمر بكسر الهمزة. قال الراجز: " قد لقي. . . البيت " ويقال: عجبا. وأمرا إمرا: منكر، وفي التنزيل العزيز: " لقد جئت شيئا إمرا " قال أبو إسحق: أي جئت شيئا عظيما من المنكر. وقيل: الإمر بالكسر، الأمر العظيم الشنيع. وقيل: العجيب. قال: ونكرا أقل من قوله: إمرا؛ لأن تغريق من في السفينة أنكر من قتل نفس واحدة. قال ابن سيده: وذهب الكسائي إلى أن معنى إمرا: شيئا داهيا منكرا عجبا، واشتقه من قولهم: أمر القوم: إذا أكثروا. اهـ.