حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ابن الحر، عن عكرمة، قوله (حَصَبُ جَهَنَّمَ) قال: حطب جهنم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك أنهم يرمى بهم في جهنم.
ذكر من قال ذلك: حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (حَصَبُ جَهَنَّمَ) يقول: إن جهنم إنما تحصب بهم، وهو الرمي، يقول: يرمي بهم فيها.
واختلف في قراءة ذلك، فقرأته قراء الأمصار (حَصَبُ جَهَنَّمَ) بالصاد، وكذلك القراءة عندنا لإجماع الحجة عليه.
ورُوي عن عليّ وعائشة أنهما كانا يقرآن ذلك (حَطَبُ جَهَنَّمَ) بالطاء.
ورُوي عن ابن عباس أنه قرأه (حَضَبُ) بالضاد.
حدثنا بذلك أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا إبراهيم بن محمد، عن عثمان بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه قرأها كذلك.
وكأن ابن عباس إن كان قرأ ذلك كذلك، أراد أنهم الذين تسجر بهم جهنم، ويوقد بهم فيها النار، وذلك أن كل ما هيجت به النار وأوقدت به، فهو عند العرب حضب لها. فإذا كان الصواب من القراءة في ذلك ما ذكرنا، وكان المعروف من معنى الحصب عند العرب: الرمي، من قولهم: حصبت الرجل: إذا رميته، كما قال جلّ ثناؤه (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا) كان الأولى بتأويل ذلك قول من قال: معناه أنهم تقذف جهنم بهم ويرمى بهم فيها، وقد ذكر أن الحصب في لغة أهل اليمين: الحطب، فإن يكن ذلك كذلك فهو أيضا وجه صحيح، وأما ما قلنا من أن معناه الرمي فإنه في لغة أهل نجد. وأما قوله (أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ) فإن معناه: أنتم عليها أيها الناس أو إليها واردون، يقول: داخلون، وقد بينت معنى الورود فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
القول في تأويل قوله تعالى: {لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (٩٩) }