حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) اجتنبني سالما لا يصيبك مني معرّة.
قال أبو جعفر: وأولى القولين بتأويل الآية عندي قول من قال: معنى ذلك: واهجرني سويا، سلما من عقوبتي، لأنه عقيب قوله (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ) وذلك وعيد منه له إن لم ينته عن ذكر آلهته بالسوء أن يرجمه بالقول السيئ، والذي هو أولى بأن يتبع ذلك التقدّم إليه بالانتهاء عنه قبل أن تناله العقوبة، فأما الأمر بطول هجره فلا وجه له.
يقول تعالى ذكره: قال إبراهيم لأبيه حين توعَّده على نصيحته إياه ودعائه إلى الله بالقول السيئ والعقوبة: سلام عليك يا أبت، يقول: أمنة مني لك أن أعاودك فيما كرهت، ولدعائك إليّ ما توعدتني عليه بالعقوبة، ولكني (سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) يقول: ولكني سأسأل ربي أن يستر عليك ذنوبك بعفوه إياك عن عقوبتك عليها (إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا) يقول: إن ربي عهدته بي لطيفا يجيب دعائي إذا دعوته، يقال منه: تحفى بي فلان. وقد بيَّنت ذلك بشواهده فيما مضى، بما أغنى عن إعادته هاهنا.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا) يقول: لطيفا.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا) قال: إنه كان بي لطيفا، فإن الحفيّ: اللطيف.