قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"يا أيها الذين أوتوا الكتاب"، اليهود من بني إسرائيل، الذين كانوا حوالَيْ مهاجَر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله لهم: يا أيها الذين أنزل إليهم الكتاب فأعطوا العلم به ="آمنوا" يقول: صدِّقوا بما نزلنا إلى محمد من الفرقان ="مصدقًا لما معكم"، يعني: محقِّقًا للذي معكم من التوراة التي أنزلتها إلى موسى بن عمران ="من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها".
* * *
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم:"طمسه إياها": محوه آثارها حتى تصير كالأقْفَاء.
وقال آخرون: معنى ذلك أن نطمس أبصارها فنصيّرها عمياء، ولكن الخبر خرج بذكر"الوجه"، والمراد به بصره ="فنردّها على أدبارها"، فنجعل أبصارَها من قبل أقفائها.
*ذكر من قال ذلك:
٩٧١٣ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثنا عمي قال حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا" إلى قوله:"من قبل أن نطمس وجوهًا"، وطمسها: أن تعمى ="فنردها على أدبارها"، يقول: أن نجعل وجوههم من قبل أقفِيتهم، فيمشون القهقرى، ونجعل لأحدهم عينين في قفاه.