من الإساءة، لا يعاقب محسن ولا يبخس جزاء إحسانه، ولا يثاب مسيء إلا ثواب عمله.
واختلف أهل العربية في السبب الذي من أجله قيل تجادل، فأنَّث الكلّ، فقال بعض نحويِّي البصرة: قيل ذلك لأن معنى كلّ نفس: كلّ إنسان، وأنث لأن النفس تذكر وتؤنث، يقال: ما جاءني نفس واحد وواحدة. وكان بعض أهل العربية يرى هذا القول من قائله غلطا ويقول: كلّ إذا أضيفت إلى نكرة واحدة خرج الفعل على قدر النكرة، كلّ امرأة قائمة، وكل رجل قائم، وكل امرأتين قائمتان، وكل رجلين قائمان، وكل نساء قائمات، وكل رجال قائمون، فيخرج على عدد النكرة وتأنيثها وتذكيرها، ولا حاجة به إلى تأنيث النفس وتذكيرها.
يقول الله تعالى ذكره: ومثل الله مثلا لمكة التي سكنها أهل الشرك بالله هي القرية التي كانت آمنة مطمئنة، وكان أمنها أن العرب كانت تتعادى، ويقتل بعضها بعضا، ويَسْبي بعضها بعضا، وأهل مكة لا يغار عليهم، ولا يحارَبون في بلدهم، فذلك كان أمنها. وقوله (مُطْمَئِنَّةً) يعني: قارّة بأهلها، لا يحتاج أهلها إلى النَّجْع، كما كان سكان البوادي يحتاجون إليها (يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا) يقول: يأتي أهلها معايشهم واسعة كثيرة. وقوله (مِنْ كُلِّ مَكَانٍ) يعني: من كلّ فجّ من فِجاج هذه القرية، ومن كلّ ناحية فيها.
وبنحو الذي قلنا في أن القرية التي ذُكِرت في هذا الموضع أريد بها مكة، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (وَضَرَبَ