اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ ومنهم وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ) قال:"هؤلاء كلهم بمنزلة واحدة وكلهم في الجنة". وعنى بقوله (الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) الذين اخترناهم لطاعتنا واجتبيناهم، وقوله (فَمْنِهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ) يقول: فمن هؤلاء الذين اصطفينا من عبادنا من يظلم نفسه بركوبه المآثم واجترامه المعاصي واقترافه الفواحش (وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) وهو غير المبالغ في طاعة ربه وغير المجتهد فيما ألزمه من خدمة ربه حتى يكون عمله في ذلك قصدًا (وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ) وهو المبرز الذي قد تقدم المجتهدين في خدمة ربه وأداء ما لزمه من فرائضه، فسبقهم بصالح الأعمال وهي الخيرات التي قال الله جل ثناؤه (بِإِذْنِ اللِّهِ) يقول: بتوفيق الله إياه لذلك.
وقوله (ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) يقول تعالى ذكره: سبق هذا السابق من سبقه بالخيرات بإذن الله، هو الفضل الكبير الذي فضل به من كان مقتصرًا عن منزلته في طاعة الله من المقتصد والظالم لنفسه.
يقول تعالى ذكره: بساتين إقامة يدخلونها هؤلاء الذين أورثناهم الكتاب، الذين اصطفينا من عبادنا يوم القيامة (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) يلبسون في جنات عدن أسورة من ذهب (وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ) يقول: ولباسهم في الجنة حرير.
وقوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) اختلف أهل التأويل في الحَزَنِ الذي حمد الله على إذهابه عنهم هؤلاء القوم؛ فقال بعضهم: ذلك