للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٥٦) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا (٥٧) }

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ) يا محمد إلى من أرسلناك إليه (إِلا مُبَشِّرًا) بالثواب الجزيل، من آمن بك وصدّقك، وآمن بالذي جئتهم به من عندي، وعملوا به (وَنَذِيرًا) من كذّبك وكذّب ما جئتهم به من عندي، فلم يصدّقوا به، ولم يعملوا (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) يقول له: قل لهؤلاء الذين أرسلتك إليهم، ما أسألكم يا قوم على ما جئتكم به من عند ربي أجرا، فتقولون: إنما يطلب محمد أموالنا بما يدعونا إليه، فلا نتبعه فيه، ولا نعطيه من أموالنا شيئا، (إِلا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا) يقول: لكن من شاء منكم اتخذ إلى ربه سبيلا طريقا بإنفاقه من ماله في سبيله، وفيما يقربه إليه من الصدقة والنفقة في جهاد عدوّه، وغير ذلك من سبل الخير.

القول في تأويل قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (٥٨) }

يقول تعالى ذكره: وتوكل يا محمد على الذي له الحياة الدائمة التي لا موت معها، فثق به في أمر ربك وفوّض إليه، واستسلم له، واصبر على ما نابك فيه. قوله: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) يقول: واعبده شكرا منك له على ما أنعم به عليك. قوله: (وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>