للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (في عزة وشقاقٍ) : أي في حَمِيَّة وفراق.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ) قال: يعادون أمر الله ورسله وكتابه، ويشاقون، ذلك عزّة وشِقاق، فقلت له: الشقاق: الخلاف، فقال: نعم.

القول في تأويل قوله تعالى: {كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ (٣) }

يقول تعالى ذكره: كثيرا أهلكنا من قبل هؤلاء المشركين من قريش الذين كذّبوا رسولنا محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فيما جاءهم به من عندنا من الحقّ (مِنْ قَرْنٍ) يعني: من الأمم الذين كانوا قبلهم، فسلكوا سبيلهم في تكذيب رسلهم فيما أتوهم به من عند الله (فَنَادَوْا) يقول: فعجوا إلى ربهم وضجوا واستغاثوا بالتوبة إليه، حين نزل بهم بأس الله وعاينوا به عذابه فرارا من عقابه، وهربا من أليم عذابه (وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ) يقول: وليس ذلك حين فرار ولا هرب من العذاب بالتوبة، وقد حَقَّت كلمة العذاب عليهم، وتابوا حين لا تنفعهم التوبة، واستقالوا في غير وقت الإقالة. وقوله (مَنَاصٍ) مفعل من النوص، والنوص في كلام العرب: التأخر، والمناص: المفرّ; ومنه قول امرئ القيس:

أمِنْ ذِكْر سَلْمَى إذْ نأتْكَ تَنُوصُ ... فَتقْصِرُ عَنْها خَطْوَةً وَتَبوصُ (١)


(١) البيت لامرئ القيس" مختار الشعر الجاهلي، بشرح مصطفى السقا، طبعة الحلبي ١٢٧) قال: نأتك: بعدت عنك. وتنوص تتأخر؛ فتقصر عنها: يقال: أقصر عنه خطوه: إذا كفه عنه. وتبوص: تتقدم يقول: أمن حقك إذ نأت عنك سلمى، وذكرتها واشتقت إليها أن تتأخر عنها. وتقصر خطابك دونها أم تتقدم نحوها، جادا في أثرها. والبيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (٢٧٦) قال في تفسير قوله تعالى:" ولات حين مناص" يقول: ليس بحين فرار. والنوص: التأخر في كلام العرب. والبوص: التقدم، وقال امرؤ القيس:" أمن ذكر ... البيت. فمناص: مفعل، مثل مقام. ومن العرب من يضيف" لات"، فبخفض. أنشدوني:" لات ساعة مندم". أهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>