أخبرنا معمر، عن قتادة، قوله (أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ) قال: أعطى كل شيء ما يُصلحه. ثم هداه له.
قال أبو جعفر: وإنما اخترنا القول الذي اخترنا في تأويل ذلك، لأنه جلّ ثناؤه أخبر أنه أعطى كلّ شيء خلقه، ولا يعطي المعطي نفسه، بل إنما يعطي ما هو غيره، لأن العطية تقتضي المعطي المُعطَى والعطية، ولا تكون العطيه هي المعْطَى، وإذا لم تكن هي هو، وكانت غيره، وكانت الصورة كلّ خلق بعض أجزائه، كان معلوما أنه إذا قيل: أعطى الإنسان صورته، إنما يعني أنه أعطى بعض المعاني التي به مع غيره دعي إنسانا، فكأن قائله قال: أعطى كلّ خلق نفسه، وليس ذلك إذا وجه إليه الكلام بالمعروف من معاني العطية، وإن كان قد يحتمله الكلام. فإذا كان ذلك كذلك، فالأصوب من معانيه أن يكون موجها إلى أن كلّ شيء أعطاه ربه مثل خلقه، فزوجه به، ثم هداه لما بيَّنا، ثم ترك ذكر مثل، وقيل (أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ) كما يقال: عبد الله مثل الأسد، ثم يحذف مثل، فيقول: عبد الله الأسد.
القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأولَى (٥١) قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى (٥٢) }