القول في تأويل قوله تعالى: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥) }
يقول تعالى ذكره:(وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ) بـ إقامة (الصَّلاةِ و) إيتاء (وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) عمله، محمودا فيما كلفه ربه، غير مقصر في طاعته.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (٥٧) }
يقول تعالى ذكره: واذكر يا محمد في كتابنا هذا إدريس (إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا) لا يقول الكذب، (نَبِيًّا) نوحي إليه من أمرنا ما نشاء. (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا) يعني به إلى مكان ذي علوّ وارتفاع. وقال بعضهم: رُفع إلى السماء السادسة. وقال آخرون: الرابعة.
* ذكر الرواية بذلك: حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني جرير بن حازم، عن سليمان الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف، قال: سأل ابن عباس كعبا وأنا حاضر، فقال له: ما قول الله تعالى لإدريس (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا) قال كعب: أما إدريس، فإن الله أوحى إليه: إني رافع لك كلّ يوم مثل عمل جميع بني آدم، فأحبّ أن تزداد عملا فأتاه خليل له من الملائكة، فقال: إن الله أوحى إليّ كذا وكذا، فكلم لي ملك الموت، فليؤخرني حتى أزداد عملا فحمله بين جناحيه، ثم صعد به إلى السماء; فلما كان في السماء الرابعة، تلقاهم ملك الموت منحدرا، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: وأين إدريس؟ فقال: هو ذا على ظهري، قال ملك الموت: فالعجب بعثت أقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض؟ فقبض روحه هناك، فذلك قول الله تبارك وتعالى (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا) .