كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، عن أصحابه (فوكزه موسى فقضى عليه) ثم دفنه في الرمل.
وقوله:(قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) يقول تعالى ذكره: قال موسى حين قتل القتيل: هذا القتل من تسبب الشيطان لي بأن هيَّج غضبي حتى ضربت هذا فهلك من ضربتي، (إِنَّهُ عَدُوٌّ) يقول: إن الشيطان عدو لابن آدم (مُضِلٌّ) له عن سبيل الرشاد بتزيينه له القبيح من الأعمال، وتحسينه ذلك له (مُبِينٌ) يعني أنه يبين عداوته لهم قديما، وإضلاله إياهم.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن ندم موسى على ما كان من قتله النفس التي قتلها، وتوبته إليه منه ومسألته غفرانه من ذلك (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) بقتل النفس التي لم تأمرني بقتلها، فاعف عن ذنبي ذلك، واستره عليّ، ولا تؤاخذني به فتعاقبني عليه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، في قوله:(رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) قال: بقتلي من أجل أنه لا ينبغي لنبيّ أن يقتل حتى يؤمر، ولم يُؤمر.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قال: عرف المخرج، فقال:(ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ) .
وقوله:(فَغَفَرَ لَهُ) يقول تعالى ذكره: فعفا الله لموسى عن ذنبه ولم يعاقبه به، (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) يقول: إن الله هو الساتر على المنيبين إليه من ذنوبهم على ذنوبهم، المتفضل عليهم بالعفو عنها، الرحيم للناس أن يعاقبهم على ذنوبهم بعد ما تابوا منها. وقوله:(قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ) يقول تعالى ذكره: قال موسى ربّ بإنعامك عليّ بعفوك