قال أبو جعفر: يعني جلّ ثناؤه بقوله: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) قد أدرك الذين صدّقوا الله ورسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم، وأقرّوا بما جاءهم به من عند الله، وعملوا بما دعاهم إليه مما سمى في هذه الآيات، الخلود في جنَّات ربهم وفازوا بطلبتهم لديه.
كما حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزاق، عن معمر، عن قتادة، في قوله:(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) ثم قال: قال كعب: لم يخلق الله بيده إلا ثلاثة: خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده، ثم قال لها: تكلمي! فقالت: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) لما علمت فيها من الكرامة.
حدثنا سهل بن موسى الرازيّ، قال: ثنا يحيى بن الضريس، عن عمرو بن أبي قيس، عن عبد العزيز بن رفيع، عن مجاهد، قال: لما غرس الله تبارك وتعالى الجنة، نظر إليها فقال:(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) .
قال: ثنا حفص بن عمر، عن أبي خلدة، عن أبي العالية، قال: لما خلق الله الجنة قال: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) فأنزل به قرآنا.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جبير، عن عطاء، عن ميسرة، قال:"لم يخلق الله شيئا بيده غير أربعة أشياء: خلق آدم بيده، وكتب الألواح بيده، والتوراة بيده، وغرس عدنًا بيده، ثم قال:(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) ".
وقوله:(الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) يقول تعالى ذكره: الذين هم في صَلاتهم إذا قاموا فيها خاشعون، وخشوعهم فيها تذللهم لله فيها بطاعته، وقيامهم فيها بما أمرهم بالقيام به فيها. وقيل إنها نزلت من أجل أن القوم كانوا يرفعون أبصارهم فيها إلى السماء قبل نزولها، فنُهُوا بهذه الآية عن ذلك.