(فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) يقول: فلما جاءهم بأسنا وسطوتنا،. لم يغن عنهم ما كانوا يعملون من البيوت في الجبال، ولم يدفع عنهم ذلك شيئا. ولكنهم بادوا جميعا فهلكوا. وقد قيل: إن معنى قوله: (فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ) فأيّ شيء أغني عنهم; وعلى هذا التأويل يجب أن يكون"ما" الأولى في موضع نصب، والثانية في موضع رفع. يقول: فلهؤلاء المجادليك من قومك يا محمد في أولئك معتبر إن اعتبروا، ومتعظ إن اتعظوا، وإن بأسنا إذا حلّ بالقوم المجرمين لم يدفعه دافع، ولم يمنعه مانع، وهو بهم إن لم ينيبوا إلى تصديقك واقع.
يقول تعالى ذكره: فلما جاءت هؤلاء الأمم الذين من قبل قريش المكذّبة رسلها رُسُلُهُمْ الذين أرسلهم الله إليهم بالبيّنات، يعني: بالواضحات من حجج عزّ وجلّ (فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) يقول: فرحوا جهلا منهم بما عندهم من العلم وقالوا: لن نُبْعَثَ، ولن يُعذّبنا الله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن أبن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله (فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) قال: قولهم: نحن أعلم منهم، لن نُعَذَّبَ، ولن نُبْعَثَ.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) بجهالتهم.