فمن آمن به تركناه، ومن كفر به قتلناه، قال: فجعل رجل منهم كتاب الله في قرن، ثم جعل القرن بين ثندوتيه؛ فلما قيل له: أتؤمن بهذا؟ قال: آمنت به، ويوميء إلى القرن الذي بين ثندوتيه، ومالي لا أومن بهذا الكتاب، فمن خير مللهم اليوم ملة صاحب القرن.
ويعني بقوله:(فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ) : ما بينهم وبين موسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وذلك الأمد الزمان.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد قوله:(الأمَدُ) قال: الدهر.
وقوله:(فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) عن الخيرات، واشتدّت على السكون إلى معاصي الله. (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) ، يقول جلّ ثناؤه: وكثير من هؤلاء الذين أوتوا الكتاب، من قبل أمة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فاسقون.
يقول تعالى ذكره (اعْلَمُوا) أيها الناس (أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأرْضَ) الميتة التي لا تنبت شيئا، (بَعْدَ مَوْتِهَا) يعني: بعد دثورها ودروسها، يقول: وكما نحيي هذه الأرض الميتة بعد دروسها، كذلك نهدي الإنسان الضَّالَّ عن الحقّ إلى الحق، فنوفِّقه ونسدِّده للإيمان حتى يصير مؤمنا من بعد كفره، ومهتديا