عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده) - وقال في مكان آخر:(وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) . [آل عمران: ٢٤] ، ثم أخبر الخبر فقال:(بلى من كسب سيئة) .
* * *
قال أبو جعفر: وهذه الأقوال التي رويناها عن ابن عباس ومجاهد وقتادة، بنحو ما قلنا في تأويل قوله:(قل أتخذتم عند الله عهدا) . لأن مما أعطاه الله عباده من ميثاقه: أن من آمن به وأطاع أمره، نجاه من ناره يوم القيامة. ومن الإيمان به، الإقرار بأن لا إله إلا الله. وكذلك من ميثاقه الذي واثقهم به: أن من أتى الله يوم القيامة بحجة تكون له نجاة من النار، فينجيه منها. وكل ذلك، وإن اختلفت ألفاظ قائليه، فمتفق المعاني، على ما قلنا فيه. والله تعالى أعلم.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى:{بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً}
قال أبو جعفر: وقوله: (بلى من كسب سيئة) تكذيب من الله القائلين من اليهود: (لن تمسنا النار إلا أياما معدودة) وإخبار منه لهم أنه معذب من أشرك ومن كفر به وبرسله، وأحاطت به ذنوبه، فمخلده في النار، (١) فإن الجنة لا يسكنها إلا أهل الإيمان به وبرسوله، وأهل الطاعة له، والقائمون بحدوده * كما:-
١٤٢٠ - حدثنا محمد بن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد، عن سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس:(بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته) أي: من عمل مثل أعمالكم، وكفر بمثل ما كفرتم به، حتى يحيط كفره بما له من حسنة، فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.
* * *
قال أبو جعفر: وأما (بلى) ، فإنها إقرار في كل كلام في أوله جحد، كما
(١) في المطبوعة: "أنه يعذب. . فمخلد في النار"، والصواب ما أثبته.