للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٣) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد، لهؤلاء العادلين بربهم، الداعين إلى عبادة أوثانهم: من الذين ينجيكم ="من ظلمات البر"، إذا ضللتم فيه فتحيَّرتم، فأظلم عليكم الهدى والمحجة = ومن ظلمات البحر إذا ركبتموه، فأخطأتم فيه المحجة، فأظلم عليكم فيه السبيل، فلا تهتدون له = غير الله الذي إليه مفزعكم حينئذ بالدعاء (١) ="تضرعًا"، منكم إليه واستكانة جهرًا (٢) ="وخفية"، يقول: وإخفاء للدعاء أحيانًا، وإعلانًا وإظهارًا تقولون: لئن أنجيتنا من هذه يا رب (٣) = أي من هذه الظلمات التي نحن فيها ="لنكونن من الشاكرين"، يقول: لنكونن ممن يوحدك بالشكر، ويخلص لك العبادة، دون من كنا نشركه معك في عبادتك.

* * *

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.


(١) في المطبوعة: "الذي مفزعكم"، والصواب من المخطوطة.
(٢) انظر تفسير"التضرع" فيما سلف ص: ٣٥٥.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة، كان نص الآية {لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هذِهِ} وهي قراءة باقي السبعة، وقراءتنا المثبتة في مصحفنا هي قراءة الكوفيين. وقد جرى أبو جعفر في تفسيره على قراءة عامة الناس، ولم يشر إلى قراءتنا، وجرى على ذلك في تفسيره الآية. وقال القرطبي: قرأ الكوفيون"لئن أنجانا"، واتساق المعنى بالتاء، كما قرأ أهل المدينة والشام.
وانظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٣٨. وظني أن أبا جعفر قد اختصر التفسير في هذا الموضع اختصارًا شديدًا، فترك كثيرًا كان يظن به أن يقوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>