يقول تعالى ذكره: وقالت المشركون من قريش: هلا أنزل على محمد آية من ربه، تكون حجة لله علينا، كما جعلت الناقة لصالح، والمائدة آية لعيسى، قل يا محمد: إنما الآيات عند الله، لا يقدر على الإتيان بها غيره (وَإنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) وإنما أنا نذير لكم، أنذركم بأس الله وعقابه على كفركم برسوله. وما جاءكم به من عند ربكم (مُبِينٌ) يقول: قد أبان لكم إنذاره.
يقول تعالى ذكره: أولم يكف هؤلاء المشركين يا محمد، القائلين: لولا أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم آية من ربه، من الآيات والحجج (أنَّا أنزلْنا عَلَيْكَ) هذا (الكِتابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ) يقول: يُقرأ عليهم، (إنَّ فِي ذلكَ لَرَحْمَةٌ) يقول: إن في هذا الكتاب الذي أنزلنا عليهم لرحمة للمؤمنين به وذكرى يتذكرون بما فيه من عبرة وعظة.
وذُكر أن هذه الآية نزلت من أجل أن قوما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انتسخوا شيئا من بعض كتب أهل الكتاب.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة أن ناسا من المسلمين أتوا نبيّ الله صلى الله عليه وسلم بكتب، قد كتبوا فيها بعض ما يقول اليهود، فلما أن نظر فيها ألقاها، ثم قال:"كفى بها حماقة قوم -أو ضلالة قوم- أن يرغبوا عما جاءهم به نبيهم، إلى ما جاء به غير نبيهم، إلى قوم غيرهم "، فنزلت:(أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)