القول في تأويل قوله تعالى: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (١٤) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (١٥) }
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل النفر من الجن: (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ) الذين قد خضعوا لله بالطاعة (وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ) وهم الجائرون عن الإسلام وقصد السبيل.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ) قال: العادلون عن الحقّ.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (الْقَاسِطُونَ) قال: الظالمون.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: (الْقَاسِطُونَ) الجائرون.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (الْقَاسِطُونَ) قال: الجائرون.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد: المقسط: العادل، والقاسط: الجائر وذكر بيت شعر:
قَسَطْنا على الأمْلاكِ فِي عَهْدِ تُبَّعٍ وَمِنْ قَبْل ما أدْرَى النفوسَ عِقَابَهَا (١)
وقال: وهذا مثل الترب والمترب؛ قال: والترب: المسكين، وقرأ: (أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ) قال: والمترب: الغني.
وقوله: (فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا) يقول: فمن أسلم وخضع لله بالطاعة، فأولئك تعمدوا وترجَّوا رشدا في دينهم. (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ) يقول: الجائرون عن الإسلام، (فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا) توقد بهم.
(١) البيت استشهد به ابن زيد المحدث على أن القاسطين معناه: الجائرون قال الفراء في معاني القرآن (الورقة ٣٤٤) : وقوله: (ومنا القاسطون) وهم الجائرون الكفار. والمقسطون: العادلون المسلمون