لمتفضل عليكم أيها الناس بما لا كفء له من الفضل (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) يقول: ولكن أكثرهم لا يشكرونه بالطاعة له، وإخلاص الألوهة والعبادة له، ولا يد تقدمت له عنده استوجب بها منه الشكر عليها.
القول في تأويل قوله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٦٢) كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٦٣) }
يقول تعالى ذكره: الذي فعل هذه الأفعال، وأنعم عليكم هذه النعم أيها الناس، الله مالككم ومصلح أموركم، وهو خالقكم وخالق كلّ شيء (لا إِلَهَ إِلا هُوَ) يقول: لا معبود تصلح له العبادة غيره، (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) يقول: فأي وجه تأخذون، وإلى أين تذهبون عنه، فتعبدون سواه؟.
وقوله:(كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) يقول: كذهابكم عنه أيها القوم، وانصرافكم عن الحقّ إلى الباطل، والرشد إلى الضلال، ذهب عنه الذين كانوا من قبلكم من الأمم بآيات الله، يعني: بحجج الله وأدلته يكذّبون فلا يؤمنون; يقول: فسلكتم أنتم معشر قريش مسلكهم، وركبتم محجتهم في الضلال.