للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالإذلال والإهانة المجرمين دون غيرهم.

القول في تأويل قوله تعالى: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٥) }

يقول تعالى ذكره: يقال لهؤلاء المجرمين الذين أخبر جلّ ثناؤه أنهم يعرفون يوم القيامة بسيماهم حين يؤخذ بالنواصي والأقدام: هذه جهنم التي يكذّب بها المجرمون، فترك ذكر "يقال" اكتفاء بدلالة الكلام عليه منه، وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله (وهذه جهنم التي كنتما بها تكذّبان تصليانها، لا تموتان فيها ولا تحييان) . (١)

وقوله: (يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) يقول تعالى ذكره: يطوف هؤلاء المجرمون الذين وصف صفتهم في جهنم بين أطباقها (وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) يقول: وبين ماء قد أسخن وأغلي حتى انتهى حرّه وأنى طبخه، وكل شيء قد أدرك وبلغ فقد أنى، ومنه قوله: (غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ) يعني: إدراكه وبلوغه، كما قال: نابغة بني ذُبيان:

ويُخْضَب لِحْيَةٌ غدَرَتْ وخانَتْ بأحمَرَ مِنْ نَجيع الجَوْفِ آني (٢)


(١) ذكر الفراء في معاني القرآن (مصورة الجامعة ٢٤٠٥٩ صفحة ٣٢١) قراءة عبد الله، وزاد فيها بعد قوله: (تحييان) : تطوفان. اهـ. و " تطوفان ": هي بدء الآية التي بعدها: (يطوفون بينها.... إلخ) .
(٢) البيت لنابغة بني ذبيان (مختار الشعر الجاهلي بشرح مصطفى السقا، طبعة الحلبي ١٩٤) من قصيدة يهجو بها يزيد بن عمرو بن الصعق الكلابي في قصة ذكرها شارحه في ١٩٣ عند بدء القصيدة، (وانظر شرح الأعلم، والوزير أبي بكر البطليوسي على الأشعار الستة، والجزء الأول من خزانة الأدب الكبرى، لعبد القادر البغدادي ٢٠٤ - ٢٠٥) وقال شارح البيت: نجيع الجوف: الدم الخالص. والآنى: الشديد الحرارة، وهو الذي بلغ أناه. اهـ. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة ١٧٣ - ب) : عند قوله تعالى: (وبين حميم آن: بلغ أناه في شدة الحر. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>