للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ}

قال أبو جعفر: أما قوله:"وإذ جعلنا البيت مثابة"، فإنه عطف ب"إذ" على قوله:"وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات". وقوله:"وإذ ابتلى إبراهيم" معطوف على قوله:"يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي"، واذكروا"إذ ابتلى إبراهيم ربه"،"وإذ جعلنا البيت مثابة".

* * *

و"البيت" الذي جعله الله مثابة للناس، هو البيت الحرام.

* * *

وأما"المثابة"، فإن أهل العربية مختلفون في معناها، والسبب الذي من أجله أنثت.

فقال بعض نحويي البصرة: ألحقت الهاء في"المثابة"، لما كثر من يثوب إليه، كما يقال:"سيارة" لمن يكثر ذلك،"ونسابة".

وقال بعض نحويي الكوفة: بل"المثاب" و"المثابة" بمعنى واحد، نظيرة"المقام" و"المقامة" (١) . و"المقام"، ذكر -على قوله- لأنه يريد به الموضع الذي يقام فيه، وأنثت"المقامة"، لأنه أريد بها البقعة. وأنكر هؤلاء أن تكون"المثابة" ك"السيارة، والنسابة" وقالوا: إنما أدخلت الهاء في"السيارة والنسابة" تشبيها لها ب"الداعية".

* * *

و"المثابة""مفعلة" من"ثاب القوم إلى الموضع"، إذا رجعوا إليه، فهم يثوبون إليه مثابا ومثابة وثوابا. (٢)


(١) في المطبوعة: "نظيره" والأرجح ما أثبت.
(٢) لم تذكر هذه المصادر في كتب اللغة، "المثاب، والمثابة" مصدران ميميان قياسيان، فإغفالهما في كتب اللغة غير غريب، وأما قوله"وثوابا"، فهذا إن صح عن الطبري، فهو جائز في العربية أيضًا، ولكنهم نصوا على أن مصدر"ثاب" هو"ثوبانا، وثوبا، وثؤوبا" فأخشى أن تكون محرفة عن إحداها. وأما"الثواب" في المعروف من كتب العربية الاسم من"أثابه يثيبه إثابة، وهو الثواب"، وهو المجازاة على الصنيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>