للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمعنى قوله:"وإذ جعلنا البيت مثابة للناس": وإذ جعلنا البيت مرجعا للناس ومعاذا، يأتونه كل عام ويرجعون إليه، فلا يقضون منه وطرا. ومن"المثاب"، قول ورقة بن نوفل في صفة الحرم:

مثاب لأفناء القبائل كلها ... تخب إليه اليعملات الطلائح (١)

ومنه قيل:"ثاب إليه عقله"، إذا رجع إليه بعد عزوبه عنه.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

١٩٦٣- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا [أبو عاصم قال، حدثنا] عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"وإذ جعلنا البيت مثابة


(١) من أبيات طويلة لورقة بن نوفل في البداية والنهاية لابن كثير ٢: ٢٩٧، والبيت في تفسير أبي حيان ١: ٣٨٠، بهذه الرواية، وقبل البيت في ذكر أبينا إبراهيم عليه السلام: فمتبع دين الذي أسس البنا ... وكان له فضل على الناس راجح
وأسس بنيانا بمكة ثابتا ... تلألأ فيه بالظلام المصابح
مثابا لأفناء. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بنصب"مثابا" بيد أن الشافعي روى هذا البيت في الأم ٢: ١٢٠ لورقة بن نوفل، وعجزه. تخب إليه اليعملات الذوامل
وكذلك جاء في القرطبي ٢: ١٠٠، وعدها أبو حيان رواية في البيت، وبهذه الرواية ذكره صاحب اللسان في (ثوب) منسوبا لأبي طالب، وفي (ذمل) غير منسوب. والظاهر أن الشافعي رحمه الله أخطأ في رواية البيت. وأخطأ صاحب اللسان في نسبته، اشتبه عليه بشعر أبي طالب في قصيدته المشهورة.
وأفناء القبائل: أخلاطهم ونزاعهم من هاهنا وهاهنا. وخبت الدابة تخب خببا: وهو ضرب سريع من العدو. واليعملات جمع يعملة وهي الناقة السريعة المطبوعة على العمل، اشتق اسمها من العمل، والعمل الإسراع والعجلة. والطلائع جمع طليح. ناقة طليح أسفار: جهدها السير وهزلها، فهي ضامرة هزلا. يعني الإبل أنضاها أصحابها في إسراعهم إلى حج البيت. وأما"الذوامل" في الرواية الأخرى، فهو جمع ذاملة. ناقة ذمول وذاملة: وهي التي تسير سيرا لينا سريعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>