٢٠٣٥٦- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن بكير بن الأخنس، عن عبد الرحمن بن سابط في قوله:(وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاعٌ) قال: كزاد الرّاعي يُزوِّده أهله: الكفِّ من التمر، أو الشيء من الدقيق، أو الشيء يشرَبُ عليه اللبن.
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ويقول لك يا محمد، مشركو قومك: هلا أنزل عليك آية من ربك، إمّا ملك يكون معك نذيرًا، أو يُلْقَى إليك كنز؟ فقل: إن الله يضل منكم من يشاء أيها القوم، فيخذله عن تصديقي والإيمان بما جئته به من عند ربي= (ويَهدي إليه من أناب) ، فرجع إلى التوبة من كفره والإيمان به، فيوفقه لاتباعي وتصديقي على ما جئته به من عند ربه، وليس ضلالُ من يضلّ منكم بأن لم ينزل علي آية من ربّي ولا هداية من يهتدي منكم بأنَّها أنزلت عليّ، وإنما ذلك بيَدِ الله، يوفّق من يشاء منكم للإيمان ويخذل من يشاء منكم فلا يؤمن.
* * *
وقد بينت معنى"الإنابة"، في غير موضع من كتابنا هذا بشواهده، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (١)
* * *
(١) انظر تفسير" الإنابة" فيما سلف ١٥: ٤٠٦، ٤٥٤. ولقد نسي أبو جعفر رحمه الله، فإنه لم يذكر" الإنابة" في غير هذين الموضعين القريبين، ولم يذكر في تفسيرهما شيئًا من الشواهد، وكأنه لما أوغل في التفسير، وكان قد أعد له العدة، شبه عليه الأمر، وظن أن الذي سيأتي مرارًا، مضى قبل ذلك مرارًا، فقال من ذلك ما قال هنا، وقد مر مثله وأشرت إليه.