قوله:(حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ) قال: البهجة: الفقاح مما يأكل الناس والأنعام.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قوله:(حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ) قال: من كل شيء تأكله الناس والأنعام.
وقوله:(مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا) يقول تعالى ذكره: أنبتنا بالماء الذي أنزلناه من السماء لكم هذه الحدائق، إذ لم يكن لكم لولا أنه أنزل عليكم الماء من السماء، طاقة أن تنبتوا شجر هذه الحدائق، ولم تكونوا قادرين على ذهاب ذلك، لأنه لا يصلح ذلك إلا بالماء.
وقوله:(أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ) يقول تعالى ذكره: أمعبود مع الله أيها الجهلة خلق ذلك، وأنزل من السماء الماء، فأنبت به لكم الحدائق؟ فقوله:(أَإِلَهٌ) مردود على تأويل: أمع الله إله، (بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) يقول جلّ ثناؤه: بل هؤلاء المشركون قوم ضلال، يعدلون عن الحقّ، ويجورون عليه، على عمد منهم لذلك، مع علمهم بأنهم على خطأ وضلال ولم يعدلوا عن جهل منهم، بأن من لا يقدر على نفع ولا ضرّ، خير ممن خلق السموات والأرض، وفعل هذه الأفعال، ولكنهم عدلوا على علم منهم ومعرفة، اقتفاء منهم سُنّة من مضى قبلهم من آبائهم.
القول في تأويل قوله تعالى: {أَمَّن جَعَلَ الأرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٦١) }
يقول تعالى ذكره: أعبادة ما تشركون أيها الناس بربكم خير وهو لا يضرّ ولا ينفع، أم الذي جعل الأرض لكم قرارا تستقرّون عليها لا تميد بكم (وَجَعَلَ) لكم (خِلالَهَا أَنْهَارًا) يقول: بينها أنهارا (وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ) وهي ثوابت الجبال،
(وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا) بين العذب والملح، أن يفسد أحدهما صاحبه (أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ) سواه فعل هذه الأشياء فأشركتموه في عبادتكم إياه؟
وقوله:(بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) يقول تعالى ذكره: بل أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون قدر عظمة الله، وما عليهم من الضرّ في إشراكهم في عبادة الله غيره، وما لهم من النفع في إفرادهم الله بالألوهة، وإخلاصهم له العبادة، وبراءتهم من كلّ معبود سواه.
القول في تأويل قوله تعالى: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ