يقول تعالى ذكره:(وَيَقُولُ الإنْسَانُ) الكافر الذي لا يصدق بالبعث بعد الموت أخرج حيا، فأُبعث بعد الممات وبعد البلاء والفناء إنكارا منه ذلك، يقول الله تعالى ذكره:(أَوَلا يَذْكُرُ الإنْسَانُ) المتعجب من ذلك المنكر قدرة الله على إحيائه بعد فنائه، وإيجاده بعد عدمه في خلق نفسه، أن الله خلقه من قبل مماته، فأنشأه بشرًّا سويا من غير شيء (وَلَمْ يَكُ) من قبل إنشائه إياه (شَيْئًا) فيعتبر بذلك ويعلم أن من أنشأه من غير شيء لا يعجز عن إحيائه بعد مماته، وإيجاده بعد فنائه.
وقد اختلفت القراء في قراءة قوله:(أَوَلا يَذْكُرُ الإنْسَانُ) فقرأه بعض قرّاء المدينة والكوفة (أَوَلا يَذْكُرُ) بتخفيف الذال، وقد قرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة والحجاز (أو لا يَذَّكَّرُ) بتشديد الذال والكاف، بمعنى: أو لا يتذكر، والتشديد أعجب إليّ، وإن كانت الأخرى جائزة، لأن معنى ذلك: أو لا يتفكر فيعتبر.
القول في تأويل قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨) }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فوربك يا محمد لنحشرنّ هؤلاء القائلين: أئذا متنا لسوف نخرج أحياء يوم القيامة من قبورهم، مقرنين بأوليائهم من الشياطين (ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا) والجثي: جمع الجاثي.
كما حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي،