للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥) } .

يقول تعالى ذكره: خسرت يدا أبي لهب، وخسر هو. وإنما عُنِي بقوله: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) تبّ عمله. وكان بعض أهل العربية يقول: قوله: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) : دعاء عليه من الله.

وأما قوله: (وَتَبَّ) فإنه خبر. ويُذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: "تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ وَقَدْ تَبَّ". وفي دخول "قد" فيه دلالة على أنه خبر، ويمثِّل ذلك بقول القائل، لآخر: أهلكك الله، وقد أهلكك، وجعلك صالحا وقد جعلك.

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) : أي خسرت وتب.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) قال: التبّ: الخسران، قال: قال أبو لهب للنبيّ صلى الله عليه وسلم: ماذا أُعطَى يا محمد إن آمنت بك؟ قال؟ "كمَا يُعْطَى المُسْلِمُون"، فقال: مالي عليهم فضل؟ قال: "وأيّ شَيْءٍ تَبْتَغِي؟ " قال: تبا لهذا من دين تبا، أن أكون أنا وهؤلاء سواء، فأنزل الله: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) يقول: بما عملت أيديهم.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (تَبَّتْ يَدَا

<<  <  ج: ص:  >  >>