الذي هو طاعة الله وما يرضيه عنه، وأضاف السعي إلى الهاء والألف، وهي كناية عن الآخرة، فقال: وسعى للآخرة سعي الآخرة، ومعناه:
وعمل لها عملها لمعرفة السامعين بمعنى ذلك، وأن معناه: وسعى لها سعيه لها وهو مؤمن، يقول: هو مؤمن مصدّق بثواب الله، وعظم جزائه على سعيه لها، غير مكذّب به تكذيب من أراد العاجلة، يقول الله جلّ ثناؤه (فَأُولَئِكَ) يعني: فمن فعل ذلك (كانَ سَعْيُهُمْ) يعني عملهم بطاعة الله (مَشْكُورًا) وشكر الله إياهم على سعيهم ذلك حسن جزائه لهم على أعمالهم الصالحة، وتجاوزه لهم عن سيئها برحمته.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا) شكر الله لهم حسناتهم، وتجاوز عن سيئاتهم.
القول في تأويل قوله تعالى: {كُلا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (٢٠) }
يقول تعالى ذكره: يمدّ ربك يا محمد كلا الفريقين من مريدي العاجلة، ومريدي الآخرة، الساعي لها سعيها وهو مؤمن في هذه الدنيا من عطائه، فيرزقهما جميعا من رزقه إلى بلوغهما الأمد، واستيفائهما الأجل ما كتب لهما، ثم تختلف بهما الأحوال بعد الممات، وتفترق بهما بعد الورود المصادر، ففريق مريدي العاجلة إلى جهنم مصدَرهم، وفريق مريدي الآخرة إلى الجنة مآبهم (وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا) يقول: وما كان عطاء ربك الذي يؤتيه من يشاء من خلقه في الدنيا ممنوعا عمن بسطه عليه لا يقدر أحد من خلقه منعه من ذلك، وقد آتاه الله إياه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (كُلا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا