وأما قوله (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) ويقول تعالى ذكره لنبييه صلى الله عليه وسلم: بلغ قومك ما أرسلتَ به، واكفف عن حرب المشركين بالله وقتالهم. وذلك قيل أن يفرض عليه جهادهم، ثم نَسَخَ ذلك بقوله (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) .
كما حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) وهو من المنسوخ.
حدثني المثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) و (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ) وهذا النحو كله في القرآن أمر الله تعالى ذكره نبيه صلى الله عليه وسلم أن يكون ذلك منه، ثم أمره بالقتال، فنَسَخَ ذلك كله، فقال:(خُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ) ... الآية.
القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٩٦) }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إنا كفيناك المستهزئين يا محمد، الذين يستهزئون بك ويسخرون منك، فاصدع بأمر الله، ولا تخف شيئا سوى الله، فإن الله كافيك من ناصبك وآذاك كما كفاك المستهزئين. وكان رؤساء المستهزئين قوما من قريش معروفين.
* ذكر أسمائهم حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد، قال: كان عظماء المستهزئين كما حدثني يزيد بن رومان عن عُروة بن الزُّبير خمسة نَفَر من قومِه، وكانوا ذوي أسنان وشرف في قومهم، من بني أسد بن عبد العُزَّى بن قصيّ: الأسود بن المطلب أبو زَمْعة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني قد دعا عليه لما كان يبلغه من أذاه واستهزائه، فقال: اللهمّ أعم بصره، وأثكله ولده، ومن بني زهرة: الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن