للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله عز ذكره: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (٤٩) }

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"وأن احكم بينهم بما أنزل الله"، وأنزلنا إليك، يا محمد، الكتابَ مصدقًا لما بين يديه من الكتاب، وأنِ احكم بينهم= فـ"أن" في موضع نصب بـ"التنزيل".

* * *

ويعني بقوله:"بما أنزل الله"، بحكم الله الذي أنزله إليك في كتابه.

* * *

وأما قوله:"ولا تتبع أهواءهم"، فإنه نهيٌ من الله نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يتّبع أهواء اليهود الذين احتكموا إليه في قتيلهم وفاجِرَيْهم، (١) وأمرٌ منه له بلزوم العمل بكتابه الذي أنزله إليه.

* * *

وقوله:"واحذرهم أن يفتِنُوك عن بعض ما أنزل الله إليك"، يقول تعالى ذكره لنبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم: واحذر، يا محمد، هؤلاء اليهود الذين جاءوك محتكمين إليك="أن يفتنوك"، فيصدُّوك عن بعض ما أنزل الله إليك من حكم كتابه، فيحملوك على ترك العمل به واتّباع أهوائهم. (٢)

* * *

وقوله:"فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم"، يقول تعالى ذكره: فإن تولى هؤلاء اليهود الذين اختصموا إليك عنك، فتركوا العمل بما حكمت به


(١) قوله: "وفاجريهم"، يعني اليهودي واليهودية اللذان زنيا، فرجمها صلى الله عليه وسلم.
(٢) انظر تفسير"الفتنة" فيما سلف ١٠: ٣١٧، تعليق: ٢، والمراجع هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>