للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أن يكون فيه "أن"، كقولك للرجل: إما أن تمضي، وإما أن تقعد بمعنى الأمر: امض أو اقعد، فإذا كان على وجه الخبر، لم يكن فيه "أن" كقوله: (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) [التوبة: ١٠٦] . وهذا هو الذي يسمى "التخيير" (١) = وكذلك كل ما كان على وجه الخبر، و"إما" في جميع ذلك مكسورة. (٢) .

* * *

القول في تأويل قوله: {قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال موسى للسحرة: (ألقوا) ما أنتم ملقون! فألقت السحرة ما معهم، فلما ألقوا ذلك= "سحروا أعين الناس"، خيلوا إلى أعين الناس بما أحدثوا من التخييل والخُدَع أنها تسعى (٣) "واسترهبوهم يقول: واسترهبوا الناس بما سحروا في أعينهم، حتى خافوا من العصيّ والحبال، ظنًّا منهم أنها حيات= "وجاؤوا" كما قال الله، = "بسحر عظيم"، بتخييل عظيم كبير، من التخييل والخداع (٤) . وذلك كالذي: -

١٤٩٣٨ - حدثنا موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: قال لهم موسى: ألقوا ما أنتم ملقون! فألقوا حبالهم وعصيهم!


(١) قوله: ((وهذا الذي سيمى التخيير)) ، هو الحكم الأول في دخول ((أن)) مع ((إما)) ، أما الذي يجئ على وجه الخبر نحو: ((إما يعذبهم، وإما يتوب عليهم)) ، فهم يسمونه ((الإبهام)) . وكان حق أبي جعفر أن يقدم قوله ((وهذا الذي يسمى التخيير)) قبل قوله: ((فإذا كان على وجه الخبر)) ، لرفع الشبهة عن كلامه.
(٢) انظر معاني القرآن ١: ٣٨٩، ٣٩٠، وهو فصل جيد جداً.
(٣) انظر تفسير ((السحر) ٩ فيما سلف ص: ١٩، تعليق ٢، والمراجع هناك.
(٤) انظر تفسير ((السحر) ٩ فيما سلف ص: ١٩، تعليق ٢، والمراجع هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>