للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (نَارًا تَلَظَّى) قال: تَوَهَّج.

وقوله: (لا يَصْلاهَا إِلا الأشْقَى) يقول جلّ ثناؤه: لا يدخلها فيصلى بسعيرها إلا الأشقى، (الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) يقول: الذي كذّب بآيات ربه، وأعرض عنها، ولم يصدق بها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا هشام بن الغاز، عن مكحول، عن أبي هريرة، قال: لتدخلن الجنة إلا من يأبى، قالوا: يا أبا هريرة: ومن يأبى أن يدخل الجنة؟ قال: فقرأ: (الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) .

حدثني الحسن بن ناصح، قال: ثنا الحسن بن حبيب ومعاذ بن معاذ، قالا ثنا الأشعث، عن الحسن في قوله: (لا يَصْلاهَا إِلا الأشْقَى) قال معاذ: الذي كذّب وتولى، ولم يقله الحسن، قال: المشرك.

وكان بعض أهل العربية يقول: لم يكن كذب بردّ ظاهر، ولكن قصر عما أمر به من الطاعة، فجُعِل تكذيبا، كما تقول: لقي فلان العدوّ، فكذب إذا نكل ورجع، وذُكر أنه سمع بعض العرب يقول: ليس لحدّهم مكذوبة، بمعنى: أنهم إذا لقوا صدقوا القتال، ولم يرجعوا؛ قال: وكذلك قول الله: (لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ) .

وقوله: (وَسَيَتَجَنَّبُهَا الأشْقَى) يقول: وسيوقَّى صِلِيَّ النار التي تلظَّى التقيُّ، ووضع أفعل موضع فعيل، كما قال طرَفة:

تَمَنَّى رِجالٌ أنْ أمُوتَ وَإنْ أَمُتْ ... فَتِلكَ سَبيلٌ لَسْتُ فيها بأَوْحَدِ (١)

وقوله: (الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى) يقول: الذي يعطي ماله في الدنيا في حقوق الله التي ألزمه إياها، (يَتَزَكَّى) : يعني: يتطهر بإعطائه ذلك من ذنوبه.

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا لأحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩) إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأعْلَى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (٢١) } .

كان بعض أهل العربية يوجه تأويل ذلك إلى: وما لأحد من خلق الله عند هذا الذي يؤتي ماله في سبيل الله يتزكى (مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى) يعني: من يد يكافئه


(١) انظر ص: ١٦٢ التعليق رقم ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>