الموت قد نزل بهم، (مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ) وفي الكلام محذوف استغني بفهم سامعيه ما دلّ عليه الكلام عن ذكره وهو: قالوا ما كنا نعمل من سوء، يخبر عنهم بذلك أنهم كذّبوا وقالوا: ما كنا نعصي الله اعتصاما منهم بالباطل رجاء أن ينجوا بذلك، فكذّبهم الله فقال: بل كنتم تعملون السوء وتصدّون عن سبيل الله (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) يقول: إن الله ذو علم بما كنتم تعملون في الدنيا من معاصيه، وتأتون فيها ما يسخطه.
القول في تأويل قوله تعالى: {فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٢٩) }
يقول تعالى ذكره، يقول لهؤلاء الظلمة أنفسهم حين يقولون لربهم: ما كنا نعمل من سوء: ادخلوا أبواب جهنم، يعني: طبقات جهنم (خَالِدِينَ فِيهَا) يعني: ماكثين فيها (فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) يقول: فلبئس منزل من تكبر على الله ولم يقرّ بربوبيته، ويصدّق بوحدانيته جهنم.
يقول تعالى ذكره: وقيل للفريق الآخر، الذين هم أهل إيمان وتقوى لله (مَاذَا أَنزلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا) يقول: قالوا: أنزل خيرا. وكان بعض أهل العربية من الكوفيين يقول: إنما اختلف الأعراب في قوله (قَالُوا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ) وقوله (خَيْرًا) والمسألة قبل الجوابين كليهما واحدة، وهي قوله (مَاذَا أَنزلَ رَبُّكُمْ) لأن الكفار جحدوا التنزيل، فقالوا حين سمعوه: أساطير الأوّلين: أي هذا الذي جئت به أساطير الأوّلين، ولم ينزل الله منه شيئا، وأما المؤمنون فصدَّقوا التنزيل، فقالوا خيرا، بمعنى أنه أنزل خيرا، فانتصب بوقوع الفعل من الله على