ابن آدم وهو بحقه مستخفٌّ، وعنه عما فيه من العِبَر والذكر مُعْرض، كأن لم يسمعها، كأن في أذنيه وقرًا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أَبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أََبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:(لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) ... إلى قوله:(لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) قال، يقول: لو أني أنزلت هذا القرآن على جبل حملته إياه تصدّع وخشع من ثِقله، ومن خشية الله، فأمر الله عزّ وجلّ الناس إذا أنزل عليهم القرآن، أن يأخذوه بالخشية الشديدة والتخشع، قال:(وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون) .
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:(لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) ... الآية، يعذر الله الجبل الأصمّ، ولم يعذر شقيّ ابن آدم، هل رأيتم أحدًا قط تصدّعت جوانحه من خشية الله (وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ) يقول تعالى ذكره: وهذه الأشياء نشبهها للناس، وذلك تعريفه جلّ ثناؤه إياهم أن الجبال أشدّ تعظيمًا لحقه منهم مع قساوتها وصلابتها.
وقوله:(لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) يقول: يضرب الله لهم هذه الأمثال ليتفكروا فيها، فينيبوا، وينقادوا للحق.
القول في تأويل قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (٢٢) }
يقول تعالى ذكره: الذي يتصدّع من خشيته الجبل أيها الناس هو المعبود،