للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٩٠) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (وجاء) ، رسولَ الله صلى الله عليه وسلم = (المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم) ، في التخلف = (وقعد) ، عن المجيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والجهاد معه (١) = (الذين كذبوا الله ورسوله) ، وقالوا الكذب، واعتذرُوا بالباطل منهم. يقول تعالى ذكره: سيُصيب الذين جحدوا توحيد الله ونبوة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم منهم، عذابٌ أليم. (٢)

* * *

فإن قال قائل: (وجاء المعذّرون) ، وقد علمت أن "المعذِّر"، في كلام العرب، إنما هو: الذي يُعَذِّر في الأمر فلا يبالغ فيه ولا يُحكمه؟ وليست هذه صفة هؤلاء، وإنما صفتهم أنهم كانوا قد اجتهدوا في طلب ما ينهضون به مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدوّهم، وحرصوا على ذلك، فلم يجدوا إليه السبيل، فهم بأن يوصفوا بأنهم: "قد أعذروا"، أولى وأحق منهم بأن يوصفوا بأنهم "عذَّروا". وإذا وصفوا بذلك، (٣) فالصَّواب في ذلك من القراءة، ما قرأه ابن عباس، وذلك ما:-

١٧٠٧٣- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي حماد قال، حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك قال: كان ابن عباس يقرأ: (وَجَاءَ الْمُعْذِرُونَ) ، مخففةً، ويقول: هم أهل العذر.

= مع موافقة مجاهد إياه وغيره عليه؟


(١) انظر تفسير " القعود " فيما سلف ص: ٤١٢، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " أليم " فيما سلف من فهارس اللغة (ألم) .
(٣) في المطبوعة: " بأنهم عذروا، إذا وصفوا بذلك "، كأنه متعلق بالسالف.
والصواب أنه ابتداء كلام، والواو في " وإذا " ثابتة في المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>