للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا}

قال أبو جعفر: أما"الذين آمنوا"، فهم المصدقون رسول الله فيما أتاهم به من الحق من عند الله، وإيمانهم بذلك، تصديقهم به - على ما قد بيناه فيما مضى من كتابنا هذا. (١)

* * *

وأما"الذين هادوا"، فهم اليهود. ومعنى:"هادوا"، تابوا. يقال منه:"هاد القوم يهودون هودا وهادة. (٢) وقيل: إنما سميت اليهود"يهود من أجل قولهم: (إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ) . [سورة الأعراف: ١٥٦] .

١٠٩٤ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: إنما سميت اليهود من أجل أنهم قالوا: (إنا هدنا إليك) .

* * *

القول في تأويل قوله عز وجل: {وَالنَّصَارَى}

قال أبو جعفر: و"النصارى" جمع، واحدهم نصران، كما واحد السكارى سكران، وواحد النشاوى نشوان. وكذلك جمع كل نعت كان واحده على"فعلان" فإن جمعه على"فعالى". إلا أن المستفيض من كلام العرب في واحد"النصارى""نصراني". وقد حكى عنهم سماعا"نصران" بطرح الياء، ومنه قول الشاعر:

تراه إذا زار العشي مُحَنِّفًا ... ويضحي لديه وهو نصران شامس (٣)


(١) انظر ما سلف ١: ٢٣٤ - ٢٣٥.
(٢) قوله"هادة"، مصدر لم أجده في كتب اللغة.
(٣) لم أعرف قائله. الأضداد لابن الأنباري: ١٥٥، ورواه: "تراه ويضحى وهو. . " ونقله أبو حيان في البحر المحيط ١: ٢٣٨ عن الطبري، وفيهما"إذا دار العشى" وأخطأ القرطبي (تفسيره ١: ٣٦٩) فقال: و"أنشد سيبويه" وذكر البيت، ولم ينشده سيبويه. وروى صدره.
(تراه إذا دار العشا متحنفا)
والبيت في صفة الحرباء. و"محنفا": قد تحنف، أو صار إلى الحنيفية. ويعني أنه مستقبل القبلة. وقوله: "لديه"، أي لدى العشى، ويريد قبل أن يستوى العشى أو لدى الضحى، ويكون قد ذكره في بيت قبله. وقوله: "شامس"، يريد مستقبل الشمس، قبل المشرق. يقول يستقبل الشمس كأنه نصراني، وهو كقول ذي الرمة في صفة الحرباء أيضًا: إذا حول الظل العشى رأيته ... حنيفا، وفي قرن الضحى ينتصر

<<  <  ج: ص:  >  >>