للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله جل ثناؤه: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (١٥٧) }

قال أبو جعفر: يخاطب جل ثناؤه عباده المؤمنين، يقول لهم: (١) لا تكونوا، أيها المؤمنون، في شك من أن الأمور كلها بيد الله، وأن إليه الإحياء والإماتة، كما شك المنافقون في ذلك، ولكن جاهدوا في سبيل الله وقاتِلوا أعداء الله، على يقين منكم بأنه لا يقتل في حرب ولا يموت في سفر إلا من بلغ أجله وحانت وفاته. ثم وعدهم على جهادهم في سبيله المغفرة والرحمةَ، وأخبرهم أن موتًا في سبيل الله وقتلا في الله، (٢) خير لهم مما يجمعون في الدنيا من حُطامها ورغيد عيشها الذي من أجله يتثاقلون عن الجهاد في سبيل الله، ويتأخرون عن لقاء العدو، كما:-

٨١١٧- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق:"ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون"، أي: إن الموت كائن لا بد منه، فموت في سبيل الله أو قتل، خير = لو علموا فأيقنوا = مما يجمعون في الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد، تخوفًا من الموت والقتل لما جمعوا من زَهرة الدنيا، وزهادةً في الآخرة. (٣) .

* * *

قال أبو جعفر: وإنما قال الله عز وجل:"لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون"، وابتدأ الكلام:"ولئن متم أو قتلتم" بحذف جواب"لئن"، (٤) لأن في قوله:


(١) في المطبوعة: "فخاطب"، وأثبت صوابها من المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "وقتلا" وأثبت ما في المخطوطة، وهو أجود.
(٣) الأثر: ٨١١٧- سيرة ابن هشام ٣: ١٢٣، وهو تتمة الآثار التي آخرها: ٨١١٦. وكان في المخطوطة والمطبوعة: "لما جمعوا من زهيد الدنيا" وهو تحريف، والصواب من سيرة ابن هشام. وزهرة الدنيا: حسنها وبهجتها وغضارتها، وكثرة خيرها، ورغيد عيشها. وفي سيرة ابن هشام: "زهادة في الآخرة"، بغير واو.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة"بحذف جزاء لئن"، وهو خطأ بين وتصحيف من الناسخ، سقطت منه باء"جواب" فكتب"جزاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>