يسمع مواعظ الله وآي كتابه، فيعتبر بها ويتدبرها، ويتفكر فيها، فيعقل ما فيها من النور والبيان والهدى.
وقوله (وَقَلْبِهِ) يقول: وطبع أيضًا على قلبه، فلا يعقل به شيئا، ولا يعي به حقا.
وقوله (وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً) يقول: وجعل على بصره غشاوة أن يبصر به حجج الله، فيستدّل بها على وحدانيته، ويعلم بها أن لا إله غيره.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله (وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً) فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة (غِشَاوَةً) بكسر الغين وإثبات الألف فيها على أنها اسم، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة (غَشْوَةً) بمعنى: أنه غشاه شيئا في دفعة واحدة، ومرّة واحدة، بفتح الغين بغير ألف، وهما عندي قراءتان صحيحتان فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله (فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ) يقول تعالى ذكره: فمن يوفِّقه لإصابة الحقّ، وإبصار محجة الرشد بعد إضلال الله إياه (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) أيها الناس، فتعلموا أن من فعل الله به ما وصفنا، فلن يهتدي أبدا، ولن يجد لنفسه وليا مرشدا.