للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به: أطيعوا، أيها المؤمنون، ربَّكم ورسوله فيما أمركم به ونهاكم عنه، ولا تخالفوهما في شيء = "ولا تنازعوا فتفشلوا"، يقول: ولا تختلفوا فتفرقوا وتختلف قلوبكم (١) = "فتفشلوا"، يقول: فتضعفوا وتجبنوا، (٢) = "وتذهب ريحكم".

* * *

وهذا مثلٌ. يقال للرجل إذا كان مقبلا ما يحبه ويُسَرّ به (٣) "الريح مقبلةٌ عليه"، يعني بذلك: ما يحبه، ومن ذلك قول عبيد بن الأبرص:

كَمَا حَمَيْنَاكَ يَوْمَ النَّعْفِ مِنْ شَطَبٍ وَالفَضْلُ لِلقَوْمِ مِنْ رِيحٍ وَمِنْ عَدَدِ (٤)


(١) انظر تفسير " التنازع " فيما سلف ص: ٥٦٩، تعليق: ٥، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " الفشل " ص: ٥٦٩، تعليق: ٤، والمراجع هناك.
(٣) في المطبوعة: " مقبلا عليه ما يحبه "، زاد " عليه "، وليست في المخطوطة.
(٤) ديوانه: ٤٩، من أبيات قبله، يقول: دَعَا مَعَاشِرَ فَاسْتَكَّتْ مَسَامِعُهُمْ ... يَا لَهْفَ نَفْسِي لَوْ تَدْعُو بَني أَسَدٍ
لا يَدَّعُونَ إذَا خَامَ الكُمَاةُ ولا ... إذَا السُّيُوفُ بِأَيْدِي القَوْمِ كالْوَقْدِ
لَوْ هُمْ حُمَاتُكَ بالمحْمَى حَمَوْكَ وَلَمْ ... تُتْرَكْ لِيَوْمٍ أقَامَ النَّاسَ في كَبَدِ
كَمَا حَمَيْنَاكَ. . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . .. . . . .
والبيت الثاني من هذه الأبيات جاء في مخطوطة الديوان: " لا يدَّعوا إذا حام الكماة ولا إذا.. "، فصححه الناشر المستشرق " تدعوا إذن حامي الكماة لا كسلا "، فجاء بالغثاثة كلها في شطر واحد. فيصحح كما أثبته. ويعني بقوله: " لا يدعون إذا خام الكماة "، أي: لا يتنادون بترك الفرار، و " خام " نكص، كما قال الآخر: تَنَادَوْا: يَا آلَ عَمْروٍ لا تَفِرُّوا! ... فَقُلْنَا: لا فِرَارَ ولا صُدُودَا
و" النعف "، ما انحدر من حزونة الجبل. و " شطب " جبل في ديار بني أسد.

<<  <  ج: ص:  >  >>