"كان" فيهما. ألا ترى أنك تقول:"يقوم كان زيد"، ولا يظهر عمل"كان" في"يقوم"، وكذلك"قام كان زيد". فلذلك أبطل عملها مع"فاعل" تمثيلا بـ "فعل" و"يفعل"، وأعملت مع"فاعل" أحيانًا لأنه اسم، كما تعمل في الأسماء. فأما إذا تقدمت"كان" الأسماءَ والأفعالَ، وكان الاسم والفِعْلُ بعدها، فخطأ عنده أن تكون"كان" مبطلة. فلذلك أحال قول البصريّ الذي حكيناه، وتأوّل قول الله عز وجل"بما كانوا يكذبون" أنه بمعنى: الذي يكذبونه.
* * *
القول في تأويل قوله جل ثناؤه:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ}
اختلف أهلُ التأويل في تأويل هذه الآية:
فروُي عن سَلْمان الفارسيّ أنه كان يقول: لم يجئ هؤلاء بعدُ.
٣٣٧- حدثنا أبو كُريب، قال: حدثنا عَثَّامُ بن علي، قال: حدثنا الأعمش، قال: سمعت المِنْهال بن عَمرو يُحدِّث، عن عَبَّاد بن عبد الله، عن سَلْمان، قال: ما جاء هؤلاء بعدُ، الَّذين (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)(١) .
(١) الخبر ٣٣٧- عثام -بفتح العين المهملة وتشديد الثاء المثلثة- بن علي العامري: ثقة، وثقه أبو زرعة وابن سعد وغيرهما. ترجمه ابن سعد ٦: ٢٧٣، والبخاري في الكبير ٤/١/ ٩٣، وابن أبي حاتم ٣/٢/٤٤. المنهال بن عمرو الأسدي: ثقة، رجحنا توثيقه في المسند: ٧١٤، وقد جزم البخاري في الكبير ٤/٢/ ١٢ أن شعبة روى عنه، ورواية شعبة عنه ثابتة في المسند: ٣١٣٣. عباد بن عبد الله: هو الأسدي الكوفي، قال البخاري: "فيه نظر"، وذكره ابن حبان في الثقات، وضعفه ابن المديني، وذكر ابن أبي حاتم ٣/١/٨٢ أنه"سمع عليًّا". وقد بينت في شرح المسند: ٨٨٣ أن حديثه حسن. وسلمان: هو سلمان الخير الفارسي الصحابي، رضي الله عنه. وهذا الخبر نقله ابن كثير ١: ٩١، والسيوطي ١: ٣٠، ونسبه أيضًا لوكيع وابن أبي حاتم، وذكره الشوكاني ١: ٣١ ونسبه لابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم، ولم أجد نسبته لابن إسحاق عند غيره.