للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال، إنّ الله تعالى قد سمَّى هذه الأشياء التي سمّاها في هذه الآية"رجسًا"، وأمر باجتنابها.

وقد اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله نزلت هذه الآية، وجائز أن يكون نزولها كان بسبب دُعاء عمر رضى الله عنه في أمر الخمر = وجائز أن يكون ذلك كان بسبب ما نالَ سعدًا من الأنصاري عند انتِشائهما من الشراب = وجائز أن يكون كان من أجل ما كان يلحق أحدَهم عند ذهاب ماله بالقمار من عداوة من يَسَرَه وبغضِه، (١) وليس عندنا بأيِّ ذلك كان، خيرٌ قاطع للعذر. غير أنه أيّ ذلك كان، فقد لزم حكم الآية جميعَ أهل التكليف، وغيرُ ضائرهم الجهل بالسبب الذي له نزلت هذه الآية. فالخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان، فرضٌ على جميع من بلغته الآية من التكليفُ اجتنابُ جميع ذلك، كما قال تعالى:"فاجتنبوه لعلكم تفلحون".

* * *

القول في تأويل قوله: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٩٢) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه" ="وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول"، في اجتنابكم


(١) "يسره"، يعني: غلبه في الميسر، وأخذ ماله. قال الزمخشري: "من المجاز: أسروه، ويسروا ماله. وتياسرت الأهواء قلبه، قال ذو الرمة: بِتَفْرِيقِ أَظْعَانٍ تيايَسَرْنَ قَلْبَهُ ... وَخَانَ العَصَا مِنْ عَاجِلِ البَيْنِ قَادِحُ
وهذا اللفظ كما استعمله أبو جعفر، لم تقيده كتب اللغة، ولكن مقالة الزمخشري دالة على صوابه، كما قالوا من"القمار": "قمره".

<<  <  ج: ص:  >  >>